أثار استمرار وزارة المالية فى طرح المزيد من سندات الخزانة، وكان آخرها طرح سندات بقيمة 2.5 مليار جنيه، مخاوف عدد كبير من الاقتصاديين الذين حذروا من ذلك بشدة، خصوصا إذا كان الغرض الأساسى من هذه الطروحات لتمويل عجز الموازنة، مؤكدين أن ذلك خطرا يهدد الأجيال القادمة ويزيد من الدين المحلى الذى تجاوز الحدود الآمنة، بعدما طرحت وزارة المالية سندات خزانة بـ30 مليار جنيه خلال الـ6 شهور الأخيرة ليتجاوز الدين المحلى فقط 800 مليار جنيه، كان آخرها منذ أيام بطرح سندات بـ3 مليارات جنيه جديدة.. الاقتصاديون طرحوا بدائل يمكن استغلالها فى مواجهة ارتفاع الدين المحلى.
المشكلة التى يؤكد عليها المعترضون على طرح السندات ليس فى مبدأ طرح السندات نفسه إذا هو الطريقة الأسرع للحصول على التمويل للمشروعات المهمة أو كانت هذه السندات طويلة الأجل، بحيث لا تشكل خطرا فى الأمد القصير، لكن المشكلة هى طرح سندات قصيرة الأجل وبمبالغ كبيرة مثل العملية الأخيرة التى تستحق بعد ثلاث سنوات، كما أنها ليست لتمويل مشروعات ولكن لمواجهة عجز الموازنة المتزايد.
شريف دلاور، الخبير الاقتصادى عضو لجنة السياسات، أكد أن التوسع فى طرح سندات الخزانة خطر يهدد الأجيال القادمة، لأنه يزيد الدين المحلى بصورة ضخمة عن المعدل الآمن له، كما يزيد أيضا الأعباء على الدين مثل الفوائد.
وأضاف دلاور، أنه يجب على الدولة أن تبحث عن موارد أخرى لتمويل عجز الموازنة العامة لها غير الاعتماد على طرح سندات الخزانة مثل تفعيل نظام الضرائب التصاعدية المعمول به فى معظم دول العالم، وهو يعنى تصاعد قيمة الضرائب كلما ارتفع حجم الأعمال للأشخاص العادية أو الاعتبارية أو أجورهم.
واستنكر دلاور رفض وزير المالية يوسف بطرس غالى لتطبيق نظام الضرائب التصاعدية بحجة أنها تؤثر على معدلات الاستثمار، خصوصا الأجنبى منها، مشيرا إلى أن ذلك ليس له تفسير إلا محاولة الوزير حماية كبار رجال الأعمال من ارتفاع قيمة الضرائب التى يمكن أن تفرض عليهم لو طبق هذا النظام.
كما أكد دلاور أن هناك وسائل أخرى لمواجهة ارتفاع الدين المحلى غير طرح السندات منها الاستخدام الجيد للموارد، وتقليل الهدر فى الكهرباء والمياه وترشيد الإنفاق العام للحكومة وتقنين عدد الوفود فى الرحلات الخارجية ومصروفاتها التى تتعدى الملايين فى الشهر.
كما يجب وضع خطة للإصلاح الإدارى العام فى الدولة والإصلاح التشريعى وغير ذلك، بالإضافة لوضع خطة عامة للدولة فى كل المجلات تسعى لتحقيقها كل الجهات مجتمعة ولا تكون كل وزارة تسير فى اتجاه مخالف للأخرى.
وقال دلاور، إن ارتفاع الدين الداخلى مقبول فى كل الدول فى وقت الأزمات، وطالما أن رئيس الوزراء بنفسه أكد أن الأزمة المالية العالمية انتهت من مصر وهو ما أكده أيضا وزير المالية فليس هناك سبب الآن للتوسع فى الدين المحلى عن طريق طرح السندات.
أما عن تأثير طرح السندات على حجم السيولة فى السوق فأكد دلاور أنه ليس لها أى تأثير على السيولة، لافتا إلى أن الحكومة تأخذ الأموال المودعة فى البنوك ولا تعمل وتقوم باستثمارها فى المشروعات، أى أنه تضخها فى السوق وهذا أفضل من بقائها فى البنوك كودائع بلا عمل، لكن تأثيرها سىء من جانب آخر لأنها تزيد الدين العام.
أما الدكتور محمود عبد العزيز، نائب محافظ البنك المركزى رئيس البنك الأهلى الأسبق، فأكد أن الدين المحلى تجاوز الحدود الآمنة، لاسيما فى الأدوات قصيرة الأجل، مشيرا إلى أنه رغم أن هناك ما يستوجب الاقتراض من الخارج لكن يبدوا أن هناك اتجاها من الدولة لترك هذا الباب والاتجاه للسوق المحلى، خصوصا بعد طرح حوالى 2 مليار دولار فى السوق الخارجى.
وأضاف عبد العزيز أنه من الأفضل للحكومة أن تطرح سندات محلية طويلة الأجل للمدخرين المصريين، خصوصا صغار ومتوسطى الدخول على أن لا تقل مددها عن 20 سنة، ويكون سعرها ثابت لمدة 5 سنوات ولا يقل سعر الفائدة عن 12إلى 13%، ولا تزيد ملكية الفرد الواحد عن 100 ألف جنيه تخصص حصيلتها بالكامل لبناء الطرق والكبارى ومشروعات البنية الأساسية، وبذلك يشارك الأفراد العاديين فى تمويل المشروعات الهامة، وفى الوقت نفسه ضمان توفير مصدر رزق ثابت له وآمن فى نفس لوقت.
ولفت عبد العزيز إلى أنه لو تم تنفيذ ذلك سيكون استغلالا أمثل للموارد وسيستفيد منه فئات كثيرة من المواطنين، مثل أصحاب المعاشات والتأمينات والمدخرين العاديين.
ما هو السند؟
السند هو صك مديونية تستخدمه الشركات كوسيلة للاقتراض، الدائن هو الذى يشترى السند والمدين هو مصدر أو بائع السند، ويتعهد مصدر السند أن يدفع لحامل السند فائدة أو (كوبون) محدد مسبقا طول مدة السند وأن يرد القيمة الاسمية للسند عند حلول تاريخ الاستحقاق.
والسندات الحكومية هى سندات تصدرها الحكومة للإنفاق العام، ويوجد ثلاثة أنواع للسندات التى يتم التداول عليها فى البورصة المصرية، وهى سندات الخزانة، سندات الإسكان وسندات التنمية.
كما يوجد نوع آخر من السندات هو سندات الشركات، وهى صكوك مديونية تصدر من قبل الشركات لتمويل التوسعات والتطوير وشراء معدات حديثة.